من باب المؤاجرة فلا تناقض فى ذلك، فإن جهة الاستحقاق مختلفة، فإنه مستحق له بغير الجهة التى يستحق بها عليه، فأى محذور فى ذلك؟

وأما كون بعض المعقود عليه يكون عوضاً، فهو إنما عقد على عمله فالمعقود عليه العمل والنفع بجزء من العين، وهذا أمر متصور شرعاً وحساً.

فظهر أن صحة هذا الباب هى مقتضى النص والقياس، وبالله التوفيق.

وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة لتصحيح ذلك، إلا إذا خيف غدر أحدهما، وإبطاله للعقد، والرجوع إلى أجرة المثل.

فالحيلة فى التخلص من ذلك: أن يدفع إليه ربع الغزل والحب، أو نصفه. ويقول: انسج لى باقيه بهذا القدر، فيصيران شريكين فى الغزل والحب، فإذا تشاركا فيه بعد ذلك صح، وكان بينهما على قدر ما شرطاه.

والعجب أن المانعين جوزوا ذلك على هذا الوجه، وجعلوه مشاركة لا مؤاجرة، فهلا أجازوه من أصله كذلك؟ وهل الاعتبار فى العقود إلا بمقاصدها وحقائقها [ومعانيها] ، دون صورها وألفاظها؟ وبالله التوفيق.

المثال الثانى والسبعون: إذا كان لرجل على رجل دين فتوارى عن غريمه، وله هو دين على آخر. فأراد الغريم أن يقبض دينه من الدين الذى له على ذلك، لم يكن له ذلك إلا بحوالة أو وكالة، وقد توارى عنه غريمه، فيتعذر عليه الحوالة والوكالة.

فالحيلة له فى اقتضاء دينه من ذلك: أن يوكله، فيقول: وكلتك فى اقتضاء دينى الذى على فلان، وبالخصومة فيه، ووكلتك أن تجعل ماله عليك قصاصاً مما لى عليه، وأجزت أمرك فى ذلك. فيقبل الوكيل، ويشهد عليه شهودا، ثم يشهد الوكيل أولئك الشهود، أو غيرهم أن فلاناً وكلنى بقبض ماله على فلان، وأن أجعله قصاصاً بما لفلان على، وأجاز أمرى فى ذلك، وقد قبلت من فلان ما جعل إلى من ذلك، واشهدوا أنى قد جعلت الألف درهم التى لفلان على قصاصاً بالألف التى لفلان موكلى عليه، فتصير الألف قصاصاً، ويتحول ما كان للرجل المتوارى على هذا الوكيل للرجل الذى وكله.

المثال الثالث والسبعون: إذا كان لرجل على رجل مال فغاب الذى عليه المال. وأراد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015