على سلامة العوض قطعاً، والمستأجر متردد بين سلامة العوض وهلاكه فهو على خطر. وقاعدة العدل فى المعاوضات: أن يستوى المتعاقدان فى الرجاء والخوف. وهذا حاصل فى المزارعة، والمساقاة، والمضاربة، وسائر هذه الصور الملحقة بذلك، فإن المنفعة إن سلمت سلمت لهما، وإن تلفت عليهما، وهذا من أحسن العدل.

واحتج المتأخرون من المانعين بحديث أبى سعيد الذى رواه الدارقطنى:

"نُهِى عَنْ قَفِيزَ الطّحَّانِ" وهذا الحديث لا يصح. وسمعت شيخ الإسلام يقول: هو موضوع.

وحمله بعض أصحابنا على أن المنهى عنه طحن الصبرة لا يعلم كيلها بقفيز منها، لأن ماعداه مجهول، فهو كبيعها إلا قفيزا منها، فأما إذا كانت معلومة القفزان، فقال: اطحن هذه العشرة بقفيز منها، صح حبا ودقيقاً. أما إذا كان حبا فقد استأجره على طحن تسعة أقفزة بقفيز حنطة. وأما إذا كان دقيقاً شاركه فى ذلك على أن العشر للعامل وتسعة الأعشار للآخر، فيصير شريكه بالجزء المسمى.

فإن قيل: فالشركة عندكم لا تصح بالعروض؟

قيل: بل أصح الروايتين صحتها، وإن قلنا بالرواية الأخرى، فإلحاق هذه بالمساقاة والمزارعة أولى بها من إلحاقها بالمضاربة على العروض، لأن المضاربة بالعروض تتضمن التجارة والتصرف فى رقبة المال بإبداله بغيره، بخلاف هذا.

فإن قيل: دفع حبه إلى من يطحنه بجزء منه مطحونا، أو غزله إلى من ينسجه بجزء منه منسوجاً يتضمن محذورين.

أحدهما: أن يكون طحن قدر الأجرة ونسجه مستحقاً على العامل بحكم الإجارة، ومستحقاً له بحكم كونه أجرة، وذلك متناقض. فإن كونه مستحقاً عليه يقتضى مطالبة المستأجر به، وكونه مستحقاً له يقتضى مطالبة المؤجر به.

الثانى: أن يكون بعض المعقود عليه هو العوض نفسه، وذلك ممتنع.

قيل: إنما نشأ هذا من ظن كونه إجارة، وقد بينا أنه مشاركة لا إجارة، ولو سلم أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015