فإني أراه، فلم يزل يعدو حتى بلغ الطائف فاستهزأت به ثقيف، فقال: أنا أعذركم، لو رأيتم ما رأيت لهلكتم.
ومن أعلامه: أن أبا لهب خرج يوما وقد اجتمعت قريش فقالوا: يا أبا عتبة إنك سيدنا وأنت أولى بمحمد منا وأن أبا طالب هو الحائل بيننا وبينه ولو قتلته لم ينكر أبو طالب ولا حمزة منك شيئا وأنت بريء من دمه فنؤدي نحن الدية وتسود قومك، فقال: فإني أكفيكم، ففرحوا بذلك ومدحته خطباؤهم فلما كان في تلك الليلة وكان مشرفا عليه نزل أبو لهب وهو يصلي وتسلقت امرأته أم جميل الحائط حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فصاح به أبو لهب فلم يلتفت إليه وهما كانا لا ينقلان قدما (?) ولا يقدران على شيء حتى تهجر الصبح وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو لهب: يا محمد أطلق عنا، فقال: ما كنت لأطلق عنكما أو تضمنا لي أنكما لا تؤذياني، قالا: قد فعلنا، فدعا ربه فرجعا.
ومن أعلامه: أن قريشا اجتمعوا في الحطيم فخطبهم عتبة بن ربيعة فقال: إن هذا ابن عبد المطلب قد نغص علينا عيشنا وفرّق جماعتنا وبدد شملنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا، وكان في القوم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وشيبة بن ربيعة والنضر بن الحرث ومنبه ونبيه ابنا الحجاج وأمية وأبي ابنا خلف في جماعة من صناديد قريش فقال له: قل ما شئت فإنا نطيعك، قال: سأقوم فأكلمه فإن هو رجع عن كلامه وعما يدعو إليه وإلّا رأينا فيه رأينا، فقالوا له: شأنك يا أبا عبد شمس، فقام فتقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس وحده، فقال: أنعم صباحا يا محمد، قال: «يا عبد شمس إن الله قد أبدلنا بهذا السلام تحية أهل الجنة» ، قال: يا ابن أخي إني جئتك من عند صناديد قريش لأعرض عليك أمورهم إن أنت قبلتها فلك الحظ فيها ولنا الفسحة، ثم قال: يا ابن عبد المطلب إنك دعوت العرب إلى أمر ما يعرفونه فاقبل مني ما أقول لك، قال: «قل» ، قال: إن كان ما تدعو إليه تطلب به ملكا فإنا نملّكك علينا من غير تعب ونتوّجك فارجع عن ذلك، فسكت، ثم قال له:
وإن كان ما تدعو إليه أمرا تريد به امرأة حسناء فنحن نزوجك، فقال: «لا