قوة إلّا بالله» ، ثم قال له: وإن كان ما تتكلم به تريد مالا أعطيناك من الأموال حتى تكون أغنى رجل في قريش فإن ذلك أهون علينا من تشتيت كلمتنا وتفريق جماعتنا وإن كان ما تدعو إليه جنونا داويناك كما تداوي قيس بني ثعلبة مجنونهم، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد ما تقول وبم أرجع إلى قريش؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (?) حتى بلغ إلى قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (?) .
قال عتبة: فلما تكلم بهذا الكلام فكأن الكعبة مالت حتى خفت أن تمس رأسي من إعجازها، وقام فزعا يجر رداءه، فرجع إلى قريش وهو ينتفض انتقاض العصفور وقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فقالت قريش: لقد ذهبت من عندنا نشيطا ورجعت فزعا مرعوبا فما وراءك؟ قال: ويحكم دعوني، إنه كلمني بكلام لا أدري منه شيئا ولقد رعدت عليّ الرعدة حتى خفت على نفسي وقلت الصاعقة قد أخذتني، فندموا على ذلك.
قال ابن عرفة: الصاعقة اسم للعذاب على أي حال كان، وإنما أهلكت عاد بالريح وثمود بالرجف فسمى الله تعالى ذلك صاعقة.
قال الأزهري: الصاعقة صوت الرعد الشديد الذي يصعق منه الإنسان أي يغشى عليه.
ومن أعلامه: أنه لما أراد الهجرة خرج من مكة ومعه أبو بكر فدخل غارا في جبل ثور ليستخفي من قريش وقد طلبته وبذلت لمن جاء به مائة ناقة حمراء، فأعانه الله تعالى بإخفاء أثره وأنبت على باب الغار ثمامة، وهي شرجة صغيرة، وألهمت العنكبوت فنسجت على باب الغار نسج سنين في طرفة عين ولدغ أبو بكر هذه الليلة غير لدغة فخرق ثيابه وجعلها في الشقوق وسد بعضها بقدمه اتقاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام فيه ثلاثة أيام ثم خرج منه فلقيه سراقة بن مالك بن