عليه حتى وقاه الله وكان من أقوى شاهد على صدقه.
ومن أعلامه: أن معمر بن يزيد وكان أشجع قومه استغاثت به قريش وشكوا إليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت بنو كنانة تصدر عن رأيه وتطيع أمره، فلما شكوا إليه قال لهم: إني قادم إلى ثلاث وأريحكم منه وعندي عشرون ألف مدجج (?) فلا أرى هذا الحي من بني هاشم يقدر على حربي وإن سألوني الدية أعطيتهم عشر ديات ففي مالي سعة، وكان يتقلد بسيف طوله سبعة أشبار في عرض شبر وقصته في العرب مشهورة بالشجاعة والبأس، فلبس يوم وعده قريشا سلاحه وظاهر بين درعين (?) فوافقهم بالحطيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر يصلي وقد عرف ذلك فما التفت ولا تزعزع ولا قصر في صلاة، فقيل له: هذا محمد ساجد فأهوي إليه. وقد سل سيفه وأقبل نحوه، فلما دنا منه رمى بسيفه وعاد فلما صار إلى باب الصفا عثر في درعه فسقط، فقام وقد أدمي وجهه بالحجارة يعدو كأشد العدو حتى بلغ البطحاء ما يلتفت إلى خلف فاجتمعوا وغسلوا عن وجهه الدم وقالوا: ماذا أصابك، قال: ويحكم، المغرور من غررتموه، قالوا: ما شأنك. قال: ما رأيت كاليوم دعوني ترجع إليّ نفسي فتركوه ساعة وقالوا: ما أصابك يا أبا الليث. قال: إني لما دنوت من محمد فأردت أن أهوي بسيفي إليه أهوى إليّ من عند رأسه شجاعان أقرعان (?) ينفخان بالنيران وتلمع من أبصارهما فعدوت فما كنت لأعود في شيء من مساءة محمد.
ومن أعلامه: أن كلدة بن أسد أبا الأشد وكان من القوة بمكان خاطر قريشا يوما في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعظموا له الخطر إن هو كفاهم، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق يريد المسجد ما بين دار عقيل وعقال فجاء كلدة ومعه المزراق فرجع المزراق في صدره فرجع فزعا، فقالت له قريش: ما لك يا أبا الأشد؟
فقال: ويحكم ما ترون الفحل خلفي، قالوا: ما نرى شيئا، قال: ويحكم