المستغرب والسهل المستقرب فلا يتوعر جزله ولا يسترذل سهله ويكونان إذا اجتمعا مطبوعين غير متنافرين ولا نجد ذلك في غيره من كلام البشر لأن جزله يتوعر وسهله يسترذل والجمع بينهما يتنافر فصار من هذا الوجه مباينا وفي الإعجاز داخلا.
فإن قيل: إنما كان القرآن كذلك لأنه قد تواطأ بكثرة التلاوة فاستلذته الأسماع واستحلته الألسن، ولولاه لتباين واختلف فعنه جوابان:
أحدهما: أن صفته عند أول سماعه. لو كانت لما ذكر من الكلام المختلف لا يتواطأ بكثرة ذكره فبطلت العلة.
والوجه الحادي عشر: من إعجازه أن تلاوته تختص بخمسة بواعث عليه لا توجد في غيره:
أحدها: هشاشة مخرجه.
والثاني: بهجة رونقه.
والثالث: سلاسة نظمه.
والرابع: حسن قبوله.
والخامس: أن قارئه لا يكل وسامعه لا يمل وهذا في غيره من الكلام معدوم
فإن قيل: إنما وقع في النفوس هذا الموقع فعنه جوابان:
أحدهما: أن هذا موجود في غيره من كتب الله تعالى كالتوراة والإنجيل والزبور، وليس يوجد ذلك فيها مع وجود هذا التعليل ولذلك ما استعان أهلها على استحلاء تلاوتها بما وضعوه لها من الألحان واستعذبوه لها من الأصوات، والقرآن مستغن عن هذا بصيغة لفظه فلذلك ما راع وهيج الطباع.
والثاني: التدين لا يسلب العقول تمييزها ولا يفسد عليها تصورها وهو