فإن قيل: فقد يكون ذلك حدسا بشواهد الأفعال وفراسة بفضل الألمعية وقوة الفطنة، فعنه جوابان:
أحدهما: أن الحدس والفراسة وإن أصاب بهما تارة فقد يخطىء بهما أخرى وهذا إصابة في الجميع فخرجت عن الحدث والفراسة إلى علم من لا تخفى عليه الغيوب.
والثاني: أن الحدس والفراسة توهم غير مقطوع بهما قبل الوجود وهذه أخبار بأنه مقطوع بها قبل الوجود فافترقوا.
والوجه التاسع: من إعجازه ما فيه من الأخبار بضمائر القلوب التي لا يصل إليها إلّا علّام الغيوب كقوله: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا (?) من غير أن يظهر منهم قول أو يوجد منهم فشل وكقوله: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ (?) فكان كقوله، «وإن لم يتكلموا به» إلى غير ذلك من نظائره.
فإن قيل: فالجمع الكثير تخلف ضمائرهم في العرف فإن وجد ذلك في بعضهم لم يوجد في جميعهم، فإن لم يخل أن يعقده بعضهم خلا منه بعضهم فتقابل القولان فيهم وبطل إعجازه معهم، فعنه جوابان:
أحدهما: أنهم وجهوا بهذا الخبر على العموم فلم ينكروه فزال هذا التفصيل فصار معجزا.
والثاني: أنه جعله ذنبا لهم فلم ينتضلوا منه فدل على وجوده من جميعه.
والوجه العاشر: من إعجازه أن ألفاظ القرآن قد تشتمل على الجزل