والوجه السابع: من إعجازه ما تضمنه من أخبار القرون الخالية وقصص الأمم السالفة، وما تحداه به أهل الكتاب من قصة أهل الكهف وشأن موسى والخضر وحديث ذي القرنين فكان على ما ذكره أنبياؤهم وتضمنته كتبهم.
فإن قيل: فالإخبار بما كان ليس بمعجز لأن علم غير الأنبياء به ممكن فعنه جوابان:
أحدهما: أنه ممكن فيمكن علمها وممتنع فيم لم يعلمها ولم يكن من أهلها فيعلمها فصار معجزا ممتنعا.
والثاني: أنهم اقترحوا تحديه مما لم يكن مبتدئا ولا كان له متناهيا من غوامض أسرار وغرائب أخبار جعلوها حجاجا له وعليه ففصح بالجواب عن سرائرها وصدع بنعت غوامضها فخرج عن العرف إلى ما ليس بعرف فصار معجزا.
والوجه الثامن: من الإعجاز ما تضمنه من علم الغيب بأخبار تكون فكانت كقوله لليهود: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (?) ثم قال: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (?) فما تمناه أحد منهم، وكقوله لقريش: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا (?) فقطع بأنهم لا يفعلون فلم يفعلوا وكقوله: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (?) وكان ذلك في يوم بدر وكقوله تعالى في هجرته من مكة إلى المدينة: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (?) فأعاد الله إلى مكة عام الفتح إلى غير ذلك من نظائره.