قال عليه الصلاة والسلام: «لا عدوى ولا طيرة» ، قال له رجل: يا رسول الله إنا نرى النقبة من الجرب في مشفر البعير فيعدو سائره، قال: «فمن أعدى الأول» ، وأسكته.
والخصلة السادسة: أنه محفوظ اللسان من تحريف في قول واسترسال في خبر يكون إلى الكذب منسوبا وللصدق مجانبا، فإنه لم يزل مشهورا بالصدق في خبره فاشيا وكثيرا حتى صار بالصدق مرموقا وبالأمانة مرسوما وكانت قريش بأسرها تتيقن صدقه قبل الإسلام فجهروا بتكذيبه في استدعائهم إليه، فمنهم من كذبه حسدا ومنهم من كذبه عنادا ومنهم من كذبه استبعادا أن يكون نبيا أو رسولا، ولو حفظوا عليه كذبة نادرة في غير الرسالة لجعلوها دليلا على تكذيبه في الرسالة ومن لزم الصدق في صغره كان له في الكبر ألزم ومن عصم منه في حق نفسه كان في حقوق الله تعالى أعصم، وحسبك بهذا دفعا لجاحد وردا لمعاند.
والخصلة السابعة: تحرير كلامه في التوخي به إبان حاجته والاقتصار منه على قدر كفايته فلا يسترسل فيه هدرا ولا يحجم عنه حصرا وهو فيما عدا حالتي الحاجة والكفاية أجمل الناس صمتا وأحسنهم سمتا ولذلك حفظ كلامه حتى لم يختل وظهر رونقه حتى لم يعتل واستعذبته الأفواه حتى بقي محفوظا في القلوب مدونا في الكتب فلن يسلم الإكثار من زلل ولا الهذر من ملل، أكثر أعرابي عنده الكلام فقال: يا أعرابي كم دون لسانك من حجاب؟ قال شفتاي وأسناني، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يكره الأنبعاق (?) في الكلام فنضر الله وجه امرىء قصر من لسانه واقتصر على حاجته» .
والخصلة الثامنة: أنه أفصح الناس لسانا وأوضحهم بيانا وأوجزهم كلاما