واختلف القائلون بهذا هل اكتسب العلم به من الخبر أو المخبر على وجهين:
أحدهما: من الخبر لأنه المقصود.
والثاني: من المخبر لأنه المبلغ فهذا قول من جعله علم استدلال.
والوجه الثاني: وهو قول الأكثرين من الفقهاء والمتكلمين أنه علم اضطرار أدرك ببداية العقول لأن العلم به قد يسبق إلى اليقين من غير نظر ويستقر في القلوب من غير انتقال.
واختلف القائلون بهذا في علمه بالاضطرار هل هو من فعل المخبر أو من فعل الله تعالى على وجهين:
أحدهما: أنه من فعل المخبر لوصوله إليه بنفسه وهو قول أكثر الفقهاء.
والوجه الثاني: أنه من فعل الله تعالى لأنه الملجىء إليه، وهو قول أكثر المتكلمين واختلف من قال بهذا منهم على وجهين:
أحدهما: أنه من فعل الله تعالى في الخبر.
والثاني: أنه من فعله في المخبر والذي أراه أولى أن أخبار الاستفاضة توجب علم الاضطرار وأخبار التواتر توجب علم الإستدلال لاستغناء الإفاضة عن نظر واحتياج التواتر إلى نظر مع وقوع العلم بهما، وزعمت الإمامية أنه لا يقع العلم بأخبار الاستفاضة والتواتر إلّا أن يكون في المخبرين إمام معصوم أو يصدقهم عليه إمام معصوم.
وحكي: عن ضرار بن عمرو أن حجة الإستفاضة والتواتر لا تقوم بعد الرسل بنقل أقوالهم وأفعالهم إلّا بإجماع الأمة على صدقهم أو صحة نقلهم، وكلا القولين مدفوع بقضايا العقول لأنها تضطر إلى العلم بها كعلم الاضطرار بالمشاهدات ومدركات الحواس لأن الأخبار بالبلاد أن فيها مكة والصين يعلم بالاضطرار كما يعلم بالمشاهدة وكما يعلم الإنسان أن تحته أرضا وسماء فوقه لوجود أنفسنا عالمة بها على سواء ولما في غرائز الفطر من ذلك.