قال طفيل الغنوي وهو أعرابي بطبع سليم من التكلف وبديهة خلصت من التعمق والتعسف ما يدل على وقوع العلم بأخبار الاستفاضة والتواتر:
تأوبني هم من الليل منصب ... وجاء من الأخبار ما لا يكذب
تظاهرن حتى لم تكن لي ريبة ... ولم يك فيما أخبروا متعقب (?)
وأما أخبار الآحاد فضربان:
أحدهما: أن يقترن بها ما يوجب العلم بمضمونها وقد يكون ذلك من خمسة أوجه:
أحدها: أن يصدقه عليه من يقطع بصدقه كالرسول أو من أخبر الرسول بصدقه فيعلم به صدق المخبر وصحة الخبر.
والثاني: أن تجتمع الأمة على صدقه فيعلم بإجماعهم أنه صادق في خبره.
والثالث: أن يجمعوا على قبوله والعمل به فيكون دليلا على صدق خبره.
والرابع: أن يكون الخبر مضافا إلى حال قد شاهدها عدد كثير وسمعوا رواية الخبر فلم ينكروه على المخبر فيدل على صحة الخبر وصدق المخبر.
والخامس: أن يقترن بالخبر دلائل العقول فإن كان مضافا إليها كان صدقا لازما لأن ما وافقها لا يكون إلّا حقا وإن كان مضافا إلى غيرها لم يدل موافقها على صدق الخبر وإن أوجب صحة ما تضمنه الخبر.
والضرب الثاني: أن ينفرد خبر الواحد عن قرينة تدل على صدقه فهي أمارة توجب عليه الظن ولا تقتضي العلم، يقوى إذا تطاول به الزمان فلم يعارض بردّ ولا مخالفة وأن تكرر في معناها ما يوافقها صار جميعها متواترا وإن كان أفرادها آحدا وإذا استقر هذا الأصل في الأخبار ولم يخرج المروي من إعلام