[اللَّه] (?) له صَدْره، ووضع عنه وِزْرَه، ورفَع له ذِكْره، وجعل الذِّلَّة (?) والصَّغَار على مَنْ خالف أمره، وأقْسَم بحياته في كتابه المبين، وقَرَن اسمَه باسمه، فإذا ذُكر: ذكر معه -كما في الخُطَب والتَّشَهُّد والتأذين-، وافترض على العباد طاعَتَه ومحبته والقيام بحقوقه، وسَدَّ الطرق كلها إليه وإلى جنته؛ فلم يفتح لأحد إلا من طريقه؛ فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأقواله وأعماله تُوزَن الأخلاق والأقوال والأعمال، والفُرْقَانُ المُبين الذي باتِّباعه تميز (?) أهل الهدى من أهل الضلال.
ولم يَزَلْ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُشَمِّرًا في ذات اللَّه -تعالى- لا يرده عنه رادٌّ، صادعًا بأمره لا يصده عنه صادٌّ، إلى أن بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونَصَح الأمة، وجاهد في اللَّه حق الجهاد، فأشرقت برسالته الأرضُ بعد ظُلُماتها، وتألفت به القلوبُ بعد شَتاتها، وامتلأت به الأرضُ (?) نورًا وابتهاجًا، ودخل الناسُ في دين اللَّه أفواجًا، فلما أكمل اللَّه -تعالى- به الدين، وأتم به النعمة على عباده المؤمنين، استأثر به ونَقَله إلى الرفيق الأعلى، والمحلِّ الأسْنى، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء، والطريق الواضحة الغراء، فصلَّى اللَّه، وملائكتُه، وأنبياؤه، ورسُلُه، والصالحون من عباده عليه [وآله] (?) -كما وحَّد اللَّه، وعرّف به، ودعا إليه- وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن أولى ما يَتَنافَسُ (?) فيه (?) المتنافسون، وأحْرَى [ما يتسابق] (?) في حَلْبة (?) سِباقه المتسابقون (?): ما كان بسعادة العبد في مَعَاشه ومَعَاده كَفيلًا، وعلى طريق هذه السعادة دليلًا، وذلك العِلْم النافعُ، والعمل الصالح، اللذان (?) لا سعادَةَ للعبد إلا بهما، ولا نجاة (?) له إلا بالتعلُّقِ بسببهما، فَمَنْ رُزِقَهما: فقد