الفائدة الثانية والعشرون: إذا عرف العامِّيُّ حكم حادثة بدليلها فهل له أن يفتي به ويسوغ لغيره تقليده فيه؟ ففيه ثلاثة أوجه للشافعية [وغيرهم] (?).
أحدها: الجواز؛ لأنه قد حصل له العلم بحكم تلك الحادثة عن دليلها، كما حصل للعالم، وإن تميَّز العالم عنه بقوة (?) يتمكن بها من تقرير الدليل ودفع المعارض له، فهذا قدر زائد على معرفة الحق بدليله.
والثاني: لا يجوز له ذلك مطلقًا لعدم أهليته للاستدلال وعدم علمه بشروطه وما يعارضه، ولعله يظن دليلًا ما ليس بدليل.
والثالث: إن كان الدليل من كتاب (?) أو سنة جاز [له] (1) الإفتاء، وإن كان غيرهما لم يجز؛ لأن القرآن والسنة خطاب لجميع المكلفين، فيجب على المكلف أن يعمل بما وصل إليه من كتاب ربه تعالى وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويجوز له أن يرشد غيره إليه ويدله عليه.
الفائدة الثالثة والعشرون: ذكر أبو عبد اللَّه بن بطة في "كتابه في الخلع" عن الإِمام أحمد أنه قال: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس (?) خصال:
أولها: أن تكون له نية، فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور، ولا على كلامه نور.
والثانية: أن يكون له [علم] (?) وحلم، ووقار، وسكينة.