الثالثة: أن يكون قويًا على ما هو فيه، وعلى معرفته.
الرابعة: الكفاية، وإلا مضغه الناس.
الخامسة: معرفة الناس (?).
وهذا مما يدل على جلالة أحمد ومحلِّه من العلم والمعرفة، فإن هذه الخمسة هي دعائم الفتوى وأي شيء نقص منها ظهر الخلل في المفتي بحسبه.
فأمّا النية فهي رأس الأمر وعموده وأساسه وأصله الذي عليه يُبنى، فإنها روح العمل وقائده وسائقه (?)، والعمل تابعٌ لها [وعليها يُبنى] (?) يصح بصحتها ويفسد بفسادها وبها يُستجلب التوفيق وبعدمها يحصل الخذلان وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة، فكم بين مريد بالفتوى وجه اللَّه ورضاه والقرب منه، وما عنده، ومريد بها وجه المخلوق ورجاء منفعته، وما يناله منه تخويفًا أو طمعًا فيفتي الرجلان بالفتوى الواحدة وبينهما في الفضل والثواب أعظم مما بين المشرق والمغرب هذا يُفتي لتكون كلمة اللَّه هي العليا ودينه هو الظاهر ورسوله هو المطاع، وهذا يفتي ليكون قوله هو المسموع، وهو المشار إليه وجاهه هو القائم سواء وافق الكتاب والسنة أو خالفهما فاللَّه المستعان.
و [قد] (?) جرت عادة اللَّه التي لا تُبدَّل وسنته التي لا تحول أن يُلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه، ويلبس المرائي اللابس ثوبي الزور من المقت والمهانة [والبغضة (?) ما هو اللائق به، فالمخلص له المهابة والمحبة، وللآخر المقت] (?) والبغضاء.