ولهذا لو قتل أحدهم مسلم لم يقتل به، فرفع هذا التوهم بقوله: "ولا ذو عهد في عهده"، ولقد خفيت هذه اللطيفة الحسنة على من قال: يقتل المسلم بالكافر المعاهد، وقدَّر (?) في الحديث، ولا ذو عهد في عهده بكافر، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلَّوا إليها" (?) فلما كان نهيه عن الجلوس [عليها] (?) نوع تعظيم لها عقبه بالنهي عن المبالغة في تعظحمها حتى تُجعَل قِبْلَة، وهذا يعينه مشتق من القرآن كقوله تعالى لنساء نبيه: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ [إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ] (?) وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] فنهاهن عن الخضوع بالقول، فربما ذهب الوهم إلى الإذن في الإغلاظ في القول والتجاوز، فرفع هذا التوهم (?) بقوله: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (?) وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] لما أخبر اللَّه سبحانه بإلحاق الذرية ولا عمل لهم بآبائهم في الدرجة، فربما توهم متوهم [أن يحطّ] (?) الآباء إلى درجة الذرية، فرفع هذا التوهم بقوله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] أي: ما نقصنا [من] (?) الآباء [شيئًا] (?) من أجور أعمالهم، بل رفعنا ذريتهم إلى درجتهم، ولم نحطهم من (?) درجتهم بنقص أجورهم، ولما كان الوهم قد يذهب إلى أنه يفعل ذلك بأهل النار، كما يفعله بأهل الجنة، قطع هذا الوهم (?) بقوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]، ومن هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: 91]، فلما كان ذكر ربوبيته البلدة