ذلك وبين مئة [بمئة] (?) وعشرين [درهمًا] (?) بلا حيلة ألبتة، لا في شرع ولا [في] (2) عقل ولا عُرْف، بل المفسدة التي لأجلها حرم الربا بعينها قائمة مع الاحتيال أو أزيد منها، فإنها تضاعفت بالاحتيال لم تذهب ولم تنقص؛ فمن المستحيل على شريعة أحكم الحاكمين أن يُحرِّم ما فيه مفسدة ويلعن فاعله ويُؤْذِنه بحرب منه ورسوله ويوعده أشد الوعيد ثم يبيح التحيُّل على حصول ذلك بعينه سواء مع قيام تلك المفسدة وزيادتها بتعب الاحتيال في معصية ومخادعةِ اللَّهِ ورسوله. هذا لا يأتي به شرع؛ فإن الربا على الأرض أسهل وأقل مفسدة من الربا بسُلَّم طويلٍ صَعْبِ التراقي يَتَرابى المُتَرابيان على رأسه.
فياللَّه العجب! أي مفسدة من مفاسد الربا زالت بهذا الاحتيال والخداع؟ فهل صار هذا الذنب العظيم عند اللَّه الذي هو أكبر الكبائر حسنةً وطاعةً بالخداع والاحتيال؟ وياللَّه! كيف قلب الخداع والاحتيال حقيقته من الخبيث إلى الطبيب ومن المفسدة إلى المصلحة وجعله محبوبًا للرب تعالى بعد أن كان مسخوطًا له؟ ولئن كان هذا الاحتيال يبلغ هذا المبلغ فإنه عند اللَّه ورسوله بمكان ومنزلة عظيمة وإنه من أقوى دعائم الدين وأوثق عُرَاه وأجل أصوله!!
وياللَّه العجب! كيف تزول مفسدة التحليل الذي أشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بلَعْن فاعله (?) مرة بعد أخرى بتسبيق (?) شَرْطه وتقديمه على صُلْب العقد وخَلَاء (?) صلب العقد من لفظه وقد وقع التواطؤ والتوافق (?) عليه؟ وأي غرض للشارع؟ وأي حكمة في تقديم الشرط وتسبيقه (?) حتى تزول به اللعنة وتنقلب به خَمْرة هذا العقد خلًا؟ وهل كان عقد التحليل مسخوطًا للَّه ورسوله لحقيقته ومعناه، أم لعدم مقارنة الشرط له وحصول صورة نكاح الرغبة مع القطع بانتفاء حقيقته وحصول حقيقة نكاح التحليل؟