وهذا معنى [حديث ابن عباس الذي رَوَاه أبو داود وصححه الحاكم وغيره] (?): "لعن اللَّه اليهود! حرِّمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن اللَّه إذا حرَّم على قوم أكْلَ شيء حرم عليهم ثمنه" (?) يعني ثمنه المقابل لمنفعة الأكل، فأما إن كانت (?) فيه منفعة أخرى وكان الثمن في مقابلتها لم يدخل في هذا.
إذا تبين هذا فمعلوم أنه لو كان التحريم معلقًا بمجرد اللفظ وبظاهر من القول دون مراعاة المقصود للشيء (?) المحرم ومعناهُ [وحقيقته لم يستحق اليهود] (?) اللعنة لوجهين:
أحدهما: أن الشحم خرج بجَمْله (?) عن أن يكون شحمًا، وصار وَدَكًا، كما يخرج الربا بالاحتيال فيه عن لفظ الربا إلى أن يصير بيعًا عند من يستحل ذلك (?).
فإنَّ مَنْ أراد أن يبيع مئة بمئة وعشرين إلى أجل فأعطى سلعة بالثمن المؤجل ثم اشتراها بالثمن الحالّ، ولا غرض لواحد منهما في السلعة (?) بوجه ما، وإنما هي كما قال فقيه الأمة: دَرَاهم بدراهم ودخلت بينهما حَرِيرة (?)؛ فلا فرق بين