توقَّف عبد اللَّه بن الزبير في الإيقاع وقال للسائل: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد اللَّه بن عباس وأبي هريرة، فلما جاء إليهما قال ابن عباس لأبي هريرة: أفْتِهِ فقد جاءتك مُعْضلة، ثم أفتياه بالوقوع (?)؛ فالصحابة -رضي اللَّه عنهم- ومُقدَّمهم عمر بن الخطاب لما رأوا الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وأرسلوا ما بأيديهم منه ولبَّسوا على أنفسهم ولم يتقوا اللَّه في التطليق الذي شرعه لهم، وأخذوا بالتَّشديد على أنفسهم ولم يَقِفُوا على ما حدَّ لهم ألزموهم بما التزموه، وأمضوا عليهم ما اختاروه لأنفسِهم من التشديد الذي وسَّعَ اللَّه عليهم ما شرعه لهم بخلافه، ولا ريب أن مَنْ فعل هذا حقيق بالعقوبة بأن ينفذ عليه ما أنفذه على نفسه؛ إذ لم يقبل رخصة اللَّه وتيسيره ومهلته، ولهذا قال ابن عباس لمن طلق مئة: عصيتَ ربك وبانت منك امرأتك؛ إنك لم تتق اللَّه فيجعل لك مخرجًا، ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجًا (?). وأتاه رجل فقال: إن عمي طلق ثلاثًا، فقال: إن عمك عصى اللَّه فأندمه [اللَّه] (?) وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجًا، فقال: أفلا تحللها له؟ فقال: مَنْ يخادع اللَّه يخدعه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015