فليتدبَّر العالم الذي قَصْدهُ معرفةُ الحق واتباعه من الشرع والقدر في قبول الصحابة هذه الرخصة والتيسير على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتقواهم ربهم تبارك وتعالى في التطليق، فجرَتْ عليهم رخصة اللَّه وتيسيره شرعًا وقدرًا، فلما ركب الناس الأحموقة، وتركوا تقوى اللَّه، ولبَّسوا على أنفسهم، وطلَّقوا على غير ما شرعه اللَّه لهم، أجْرَى اللَّه على لسان الخليفة الراشد والصحابة معه شرعًا وقدرًا إلزامَهُم بذلك، وإنفاذه عليهم، وإبقاء الإصْرِ الذي جعلوه هم في أعناقهم كما جعلوه، وهذه أسرار من أسرار الشرع والقدر لا تناسب عقول أبناء الزمان (?)، فجاء أئمة الإسلام، فمضوا على آثار الصحابة سالكين مسلكهم، قاصدين رضاء اللَّه ورسوله وإنفاذ دينه.

فمنهم مَنْ ترك القول بحديث ابن عباس لظنه أنه منسوخ، وهذه طريقة الشافعي (?).

قال: "فإن كان معنى قول ابن عباس: إن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واحدة بمعنى أنه أمْرُ (?) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فالذي يشبه أن يكون ابن عباس قد علم شيئًا فنُسِخ.

فإن قيل: فما دل على ما وصفت؟

قيل: لا يُشبه أن يكون ابنُ عباس [قد] (?) يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا ثم يخالفه بشيء ولم يعلمه كان من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه خلاف.

فإن قيل: فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015