مخرجًا، فلما تركوا تقوى اللَّه وتلاعبوا بكتاب اللَّه وطلّقوا على غير ما شرعه اللَّه ألزمهم بما التزموه عقوبةً لهم؛ فإن اللَّه تعالى إنما شرع الطلاق مرَّة بعد مرَّة، ولم يشرعه كله مرة واحدة، فمن جمع الثلاث في مرة واحدة فقد تعدَّى حدود اللَّه، وظلم نفسه، ولعب بكتاب اللَّه، فهو حقيق أن يُعَاقَبَ، ويُلزم بما التزمه، ولا يُقرّ على رخصة اللَّه وسعته، وقد صعّبها على نفسه، ولم يتق اللَّه ولم يطلق كما أمره اللَّه وشَرَعه له، بل استعجل فيما جعل اللَّه له الأناة فيه رحمة منه وإحسانًا، ولبّس على نفسه، واختار الأغلظ والأشد؛ فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان، وعلم الصحابةُ -رضي اللَّه عنهم- حُسْنَ سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما أَلْزم به، وصرَّحوا لمن استفتاهم بذلك فقال عبد اللَّه بن مسعود: مَنْ أتى الأمر على وجهه فقد بُيِّن له، ومن لبّس على نفسه جعلنا عليه لبسه، واللَّه لا تلبسون على أنفسكم ونتحملُه منكم، هو كما تقولون (?). فلو كان وقوع الثلاث ثلاثًا في كتاب اللَّه وسنة رسوله لكان المطلِّق قد أتى الأمر على وجهه، ولَما كان قد لبس على نفسه، ولما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن فعل ذلك: "أَيُلْعب (?) بكتاب اللَّه وأنا بين أظْهُركم؟ " (?) ولما