ترك القول به لمخالفة رَاوِيه له، وأصل مذهبه وقاعدته التي بنى عليها أن الحديث إذا صح لم يرده لمخالفة (?) راويه له، بل الأخذ عنده بما رواه، كما فعل في رواية ابن عباس وفَتْواه في بيع الأمة (?) فأخذ بروايته أنه لا يكون طلاقًا، وترك رأيه، وعلى أصله يُخرَّج له قول إن الثلاث واحدة؛ فإنه إذا صرح بأنه إنما ترك الحديث لمخالفة الراوي وصرَّح في عدة مواضع أن مخالفة الراوي لا تُوجب ترك الحديث خرج له في المسألة قولان، وأصحابه يخرِّجون على مذهبه أقوالًا دون ذلك بكثير.
والمقصود أن هذا القولَ قد دل عليه الكتاب والسنة والقياس والإجماع القديم، ولم يأت بعده إجماعٌ يبطله، ولكن رَأى أمير المؤمنين عمر -رضي اللَّه عنه- أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم إيقاعه جملةً واحدة؛ فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم؛ ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه المرأة وحرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره نكاحَ رغبةٍ يراد للدوام لا نكاحَ تحليلٍ، فإنه كان من أشدِّ الناس فيه (?)، فإذا علموا ذلك كفّوا عن الطلاق المحرَّم، فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه، ورأى أن ما كانوا عليه في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعهد الصديق وصدرًا من خلافته كان الأليق بهم؛ لأنهم لم يتتابعوا (?) فيه، وكانوا يتقون اللَّه في الطلاق، وقد جعل اللَّه لكل من اتقاه