فإن هذه الواو للاستئناف، وليس قبلها ما يصح أن يعطف ما بعدها عليه، كما لو قال: صلِّ عليه وأنا ألتزم ما عليه، [أو وأنا ملتزمٌ ما عليه] (?).

الثالث: أن الحكم لو اختلف لقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل ضمنت ذلك في حياته أو بعد موته؟ ولا سيما فإن الظاهر منه الأنشاء، وأدنى الأحوال أن يحتملهما على السواء، فإن كان أحدهما باطلًا في الشرع والآخر صحيحًا فكيف يقرّه على قول مُحتملٍ لحق وباطل ولم يستفصله عن مراده به؟

الرابع: أن القياس يقتضي صحة الضمان وإن لم يخلِّف وفاءً، فإنَّ مَنْ صح ضمان دينه إذا خلَّف وفاءً صح ضمانه وإن لم يكن له مال كالحي، وأيضًا فمن صح ضمان دينه حيًا صح ضمان دينه ميتًا، وأيضًا فإن الضمان لا يُوجِبُ الرجوع، وإنما يوجبُ مطالبةَ رب الدين للضامن، فلا فرق بين أن يخلف الميت وفاءً أو لم يخلفه، وأيضًا فالميت أحْوَجُ إلى ضمان دينه من الحي لحاجته إلى تبريد جلده (?) ببراءة ذمته وتخليصه من ارتهانه بالدين، وأيضًا فإن ذمة الميت وإن خَرِبَتْ من وجه -وهو تعذر مطالبته- لم تخرب من جهة بقاء الحق فيها، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس من ميّت يموت إلا وهو مرتَهَنٌ بدينه" (?) ولا يكون مرتهنًا وقد خربت ذمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015