أنه لا يكفي قيامه في الحق للَّه إذا كان على غيره، حتى يكونَ أول قائمٍ به على نفسه، فحينئذ يُقبل قيامه به على غيره، وإلا فكيف يقبل الحق ممن أهمل القيام به على نفسه؟
وخطب عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يومًا وعليه ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون، فقال سلمان: لا نسمع، فقال عمر: لم يا أبا عبد اللَّه؟ قال: إنك قسمت علينا ثوبًا ثوبًا وعليك ثوبان! فقال: لا تعْجلْ. يا عبد اللَّه! يا عبد اللَّه! فلم يجبه. أحد، فقال: يا عبد اللَّه بن عمر، فقال: لبَّيك يا أمير المؤمنين، فقال: نشدتك اللَّه الثوب الذي ائتزرت به أهو ثوبك؟ قال: [نعم] (?)، اللهم نعم، فقال سلمان: أما الآن فَقُلْ نَسْمَع (?).
وأما قوله: "ومن تَزيَّن بما ليس فيه شانه اللَّه" لمّا كان المتزين بما ليس فيه ضد المخلص -فإنه يظهر للناس أمرًا وهو في الباطن بخلافه- عامله اللَّه بنقيض قصده؛ فإن المعاقبة بنقيض القصد ثابتة شرعًا وقدرًا، ولما كان المُخلصُ يُعجَّلُ له من ثواب إخلاصه الحلاوة والمحبة والمهابة في قلوب الناس عجَّل للمتزين بما ليس فيه من عقوبته أن شَانَه اللَّه بين الناس؛ لأنه شان باطنه عند اللَّه، وهذا موجَب أسماء الرب الحسنى وصفاته العُلى (?) وحكمته في قضائه وشرعه.
هذا، ولما كان من تَزيَّن للناس بما ليس فيه من الخشوع والدين والتَّنَسُّك (?) والعلم وغير ذلك قد نصب نفسه للوازم هذه الأشياء ومقتضياتها فلا بد أن تُطلب منه، فإذا لم توجد عنده افتُضِح، فيشينه ذلك من حيث ظَنَّ أنه يزيِّنه، وأيضًا فإنه