وقد يستدل بهذا الحديث بعض من لا يرى في الدم يخرج من غير السبيلين الوضوء والاستدلال به في مثل هذا ضعيف، وأضعف منه وأوهن استدلال من استدل به في أن رؤية المتيمم الماء في صلاته لا تنقض طهارته، ومثل هذا الاستدلال لا يصح وإن كان قد أولع بذلك أصحاب الجدل والشغب ويتعلقون كثيرا به، وليس هذا من باب ما تقدم قولنا فيه من أن المعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى، لأن ذلك إنما هو فيما يقع تحت الجنس الواحد من معقول الباب، وهذا بخلاف ذلك، فلا يصلح الاستدلال به إذا كان معقولا أنه إنما قصد به الجواب عن الخارجات من البدن إذا شك في خروجها، وأن الواجب فيها التمسك بالأصل حتى يتيقن الحدث، فدل ببعض المذكورات على سائر ما لم يذكر من نوعها، فمجاوزة المذكور والتعد إلى غير الجنس المقصود به اغتصاب للكلام وعدوان فيه، وقد يخاف أن يكون ذلك نوعا من الافتراء، ونحو هذا من استدل في رؤية المتيمم الماء في الصلاة بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقطع صلاة المسلم شيء). ومعلوم أنه إنما جاء في المار بين يدي المصلي، ولذلك قرن قوله: (وادرأوا ما استطعتم) وهذا باب يجب أن يراعى ولا يغفل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015