الأمم؛ من العرب، والفرس، والهند، وبعض الروم، على إثباته، وهؤلاء من أفضل سكان واسطة الأرض، وأكثرهم علما وحكمة، وقد ذكر الله عز وجل أمر السحر في كتابه في قصة سليمان، وما كان الشياطين يعملونه من ذلك، ويعلمون الناس منه، فقال: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت}، وأمر بالاستعاذة منه، فقال: {ومن شر النفاثات في العقد} ورد في ذلك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، رضي الله عنهم، أخبار كثيرة، لا ينكرها لكثرتها إلا من أنكر العيان، وجحدوا الضروة، ولذلك فرع الفقهاء في كتبهم من الأحكام في السحرة وما يلزمهم من العقوبات فيما يأتونه من أفعالهم، كما فعلوه في سائر الجنايات التي يقترفها الجناة من أهل العبث والفساد، ولا يبلغ مالا أصلا له، ولا حقيقة هذا المبلغ من الشهرة والاستفاضة، فنفي السحر جهل، والاشتغال بالرد على من نفساه لغو وفضل.
فأما ما زعموه من دخول الضرر على النبوة من أجل إثبات السحر، وتأثيره في أهلها، ووقوع الوهن في أمرها، فليس الأمر في ذلك على ما قدروه، والأنبياء صلوات الله عليهم يجوز عليه من الأعراض والعلل، ما يجوز على غيرهم إلا فيما خصهم الله به من العصمة في أمر الدين الذي أرصدهم/ له، وبعضهم به، وليس تأثير السحر في أبدانهم بأكثر من القتل، وتأثير السم والأمراض.