وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال: (كبر كبر) - وهو أحدث القوم- فسكت فتكلما، فقال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم- أو صاحبكم؟ قالوا: وكيف نحلف، ولم نشهد، ولم نر؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين؟ فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي، صلى الله عليه وسلم، من عنده.
قلت: قد جعل النبي، صلى الله عليه وسلم، الحكم في القسامة خلاف/ الحكم في الأيمان لسائر الدعاوي، وذلك أنه بدأ فيها بالمدعين، ومن سنته أن تكون البينة على المدعي، واليمين على المدعي عليه، فلما أبى المدعون اليمين ردها على المدعى عليهم، فلما لم يرضوا بأيمانهم عقله من عنده، إذ كان من سنته أن لا يترك دم حرام هدرا، وهو عاقلة المسلمين، وولي أمرهم، ومما خالفت القسامة فيها سائر الدعاوي أنه اوجب في القسامة خمسين يمينا، وليس في شيء من الأحكام أكثر من يمين واحدة إلا في اللعان، فإن الزوجين يشهد كل واحد منهما بالله أربع شهادات، ومعناها: الأيمان، لأن الشاهد لا يكلف تكرير الشهادة، ولا يلزمه أن يقول في شهادته: أشهد بالله. والشهادات تختلف في الذكران والإناث، فيكون عدد الشهود في الإناث على لتضعيف، وهذه الأمور معدومة في أمر اللعان فدل على معنى هذه الشهادات الأيمان.
وقد يستدل من يرى أن القسامة القصاص بقوله: