وفي كتاب الروضة لأبي العباس المبرد، وهو كتاب جمعه واختار فيه أشعار شعراء بدأ فيه بأبي نواس ثم بمن كان في زمانه فقال مما أورده من شعره: وله معنى لم يسبق اليه بإجماع وهو قوله:

تدار علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس

قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تدّريها بالقسيّ الفوارس

فللراح ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس

فالمعنى مخترع ولكنه- كما يقول الجاحظ- من المعاني المشاهدة فإن هذه الخمر لم تحمل إلا ماء يسيرا وكانت تستغرق صور هذه الكأس الى مكان جيوبها وكان الماء فيها قليلا بقدر القلانس التي على رؤوسها وهذا حكاية حال مشاهدة بالبصر.

وثانيهما: المعاني التي تستخرج من غير شاهد حال متصورة فانها أصعب منالا مما يستخرج بشاهد الحال وقد قيل: إن أبا تمام أكثر الشعراء المتأخرين ابتداعا للمعاني وقد عدت معانيه المبتدعة فوجدت ما يزيد على عشرين معنى:

فمن ذلك قوله:

يا أيها الملك النائي برؤيته ... وجوده لمراعي جوده كثب

ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا ... إن السماء ترجّى حين تحتجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015