ومما أحسن فيه غاية الإحسان وعدّ من أوابده التي لا تبلى قوله:

تضيق بشخصك أرجاؤها ... ويركض في الواحد الجحفل

وتقصر ما كنت في جوفها ... وتركز فيها القنا الذّبّل

وكيف تقوم على راحة ... كأن البحار لها أنمل

فليت وقارك فرّقته ... وحملت أرضك ما تحمل

فصار الأنام به سادة ... وسدتهم بالذي يفضل

رأت لون نورك في لونها ... كلون الغزالة لا يغسل

وأنّ لها شرفا باذخا ... وأن الخيام بها تخجل

فلا تنكرنّ لها صرعة ... فمن فرح النفس ما يقتل

ولو بلّغ الناس ما بلّغت ... لخانتهم حولك الأرجل

ولما أمرت بتطنيبها ... أشيع بأنك لا ترحل

فما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل

وعرّف انك من همه ... وأنك في نصره ترفل

فما العاندون وما أمّلوا ... وما الحاسدون وما قوّلوا

هم يطلبون فمن أدركوا؟ ... وهم يكذبون فمن يقبل؟

وهم يتمنّون ما يشتهون ... ومن دونه جدّك المقبل

والمعاني المخترعة فيها واضحة للعيان وكفى المتنبي فضلا أن يأتي بمثلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015