فصل:
مما يسأل عنه أن يقال: ما المراد بالخليفة؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أنّ المراد به آدم وذريته؛ جعلوا خلائف من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض.
والقول الثاني: أنَّ المراد بالخليفة أممٌ يخلف بعضهم بعضا؛ كلما هلكت أمّةٌ خلفتها أخرى.
ويروى عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما أنّ آدم عليه السلام يكون خليفةً لله تعالى؛ يحكم بالحق في أرضه، إلا أنّ الله تعالى أعلم الملائكة أنّ يكون من ذريته من يسفك الدماء ويفسد في الأرض.
ويسأل عن الألف من قوله: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا)؟
وقد اختلف فيها، فقال أبو عبيدة والزجاج: هي ألف إيجاب كما قال جرير:
ألستُم خيرَ مَن ركِبَ المطايَا ... وأندَى العَالمينَ بُطُونَ راحِ
هذا إيجاب وليس باستفهام، وهذا القول غير مرضي، وإنما غلِط مَنْ قال هذا منْ قبل أنَّ الله تعالى قال: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فلا يجوز أنّ يشكُّو فيما أخبرهم الله تعالى، فيستفهموا عنه، فلهذا منعوا أنّ يكون استفهاما. وليس يوجب الاستفهام الشك في أنّه سيجعل. وإنما يوجبُ الشكّ في أنّ حالهم يكون مع الجعل، وترك الجعل في الاستقامة والصلاح سواء.
وأصل الألف للاستفهام، قال علي بن عيسى قال بعض أهل العلم: هو استفهام. كأنهم