قيل: فعل مضمر تقديره: اذكر إذ قال ربُّك للملائكة. فأمَّا قول أبي عبيدة: إنَّها زائدة.
واحتجاجه على ذلك بقول الأسود بن يعفر:
فَإِذَا وَذَلِكَ لَا مَهاهَ لذكْرِهِ ... والدهرُ يُعْقِبُ صَالِحًا بفسادِ
فغلط من قِبل أنّ معنى الأصل منه مفهوم. فلا يحكم بالزيادة وعنها مندوحة، وتأويل وإذا وذلك: فإذا ما نحن فيه وذلك ... فكأنه قال: فإذا هذا وذلك، فأشار إلى الحاضر والغائب. ولا يجب أنّ يقدم على القول بالزيادة في القرآن ما وجد عنها مندوحة.
فإن قيل: فما الذي يدل على أنَّ العامل في (إذ) اذكر. وأنَّه محذوف؟
والجواب: أنَّ فيه قولين:
أحدهما: أنَّ الآية التي قبلها تُذكر بالنعمة والعبرة في قوله (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فكأنَّه قيل اذكر النعمة في ذلك، واذكر إذ قال ربُّك للملائكة.
والقول الثاني: أنّه لمَّا جرى خلق السماوات والأرض، دل على ابتداء الخلق كأنَّه قال: وابتداء خلقكم إذ قال ربُّك للملائكة.
وعلى الأول جمهور العلماء، والعرب تحذف إذا كان فيما بقي دليل على ما أُلقي، قال النمر بن تولب:
فإن المنيةَ مَن يخشهَا ... فَسَوفَ تُصَادفُهُ أُينَمَا
يريد: أينما كان وأينما ذهب.