وهدايتهم إلى صراط الله المستقيم، وقد وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} 1.
ولا يستطيع الداعية أن يصل إلى نفوس قومه ويتملك مشاعرهم إلا إذا كان تفاعله معهم صادقا، يقرب منهم ليقربوا منه، ويحبهم ليحبوه، ويخالطهم ليألفوه.. ويخاطبهم بلغتهم فيما يمس حياتهم ويتصل بصميم بيئتهم ليستمعوا له، وهذا هو ما جاء في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} 2.
فالتعبير باللسان ليس قاصرا على اللغة، ولكنه رمز للتجانس بين الداعية وقومه لغة وبيئة، بما تتضمنه البيئة من عادات وتقاليد.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب تمثلت فيه هذه المعاني جميعا، ومن خلال بيئته نتعرف على معالم شخصيته والجوانب التي كان لها أثرها في دعوته.
بيئة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
الجزيرة العربية على سطح الكرة الأرضية تمثل شبه قارة وإن كانت جزءا من قارة؛ لترامي أطرافها، وسعة أبعادها، واختلاف أجزائها، وكثرة مرتفعاتها ووديانها، وتمثل المنطقة الوسطى منها الجزء الأكبر الذي يرتفع كثيرا عن سطح البحر، وهو الذي يطلق عليه اسم "نجد" أي الأرض المرتفعة، ويحد هذا القسم شمالا بجبل شمر، وجنوبا بالربع الخالي، وشرقا بالدهناء، وغربا بالحجاز، وتخترقه من الشمال إلى الجنوب سلسلة جبال العارض بشعبها التي تتخللها، وتحيط بها أودية زراعية خصبة، والقسم الجنوبي منها هو الذي يسمى بالعارض، ويتوسطه وادي حنيفة المعروف بخصوبته وكثرة مائه، وأشهر بلدانه التي شهدت جوانب حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي: "حريملاء" و "العيينة"