قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويرون تعلم العلم وطلبه من مظانه، والجد في تعلم القرآن وعلومه وتفسيره، وسماع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعها والتفقه فيها، وطلب آثار أصحابه] .
لا شك أن تعلم العلم من الواجبات، وذلك لأن العمل لا بد أن يكون على بصيرة، فلا بد أن يكون العامل على علم، فمن عمل بغير علم فإنه يفسد أكثر مما يصلح، فنقول للإنسان: تعلم قبل أن تعمل.
فإذا قيل لإنسان يتوضأ: كيف تتوضأ؟ وكان لا يعلم فلابد أن يتعلم كيفية الوضوء، وإذا قيل له: هل انتقض وضوؤك قال: لا أدري تعلم نواقض الوضوء، ويتعلم موجبات الغسل، ويتعلم كيفية الصلاة حتى يصلي صلاة تحزنه، ويتعلم هذا العلم من مظانه، ومظانه هي الجد في تعلم القرآن وعلومه وتفسيره، فيتعلم القرآن وعلوم القرآن، وقد ألفت فيها مؤلفات، وكذلك أيضاً يتعلم تفاسير القرآن وما ورد فيه حتى يكون على علم وبصيرة وبرهان، وكذلك أيضاً يتعلم سنن النبي صلى الله عليه وسلم، والسنن هي الأحاديث التي رويت عنه من أقواله أو أفعاله أو تقريراته، لابد من تعلمها حتى يعرف الإنسان كيف يعمل؛ فإنها هي الموضحة والمبينة لكتاب الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى معلماً للأمة حتى يعملوا على بصيرة، فهو أمرهم بالعمل، ثم بين لهم كيفية العمل، وبين ذلك بأقواله وبينه بأفعاله، فلابد أن المتعلم يرجع إلى هذين المرجعين: الكتاب والسنة، فيجد فيهما ما يحتاج إليه من هذه الأعمال، يجد فيهما الواجبات، ويتعلم الفرائض التي أوجبها الله تعالى كأركان الإسلام وكيف يؤديها ويعمل بها، وكذلك أيضاً يجد فيها العقائد وما يجب اعتقاده.
وما يلزمه، ويجد ذلك أيضاً ظاهراً في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وغيره، وآثار الصحابة رضي الله عنهم؛ فهم الذين نقلوا لنا السنة.
كذلك الكف عن الوقيعة في الصحابة أو سبهم أو ذكر شيء من مساوئهم، وتأول القبيح عليهم فيما جرى بينهم، ونكلهم فيه على التأويل إلى الله عز وجل، وبذلك نسلم من أن نقع فيهم بما لا يأمر الله به أو لم يبحه، والله أعلم.