بعدما قتل عثمان رأى الصحابة الذين في المدينة أنه ليس أحق بالخلافة من علي بن أبي طالب فبايعوه، ولكن تفرقت عليه الأمة، فثار بعض الصحابة متوجهين نحو العراق لقتال قتلة عثمان، وحصلت الوقعة المشهورة في العراق المسماة بوقعة الجمل، ثم بعدما انفصلت الحرب وتمت الولاية لـ علي رضي الله عنه على العراق حصلت وقعة أخرى تسمى وقعة صفين بين أهل الشام وبين أهل العراق، وقتل فيها أيضاً خلق كثير، حيث إن أهل العراق جاؤوا مع علي لطلب جمع الكلمة ولطلب المبايعة لأمير المؤمنين، وأهل الشام جاؤوا مع معاوية مطالبين بدم عثمان، وبأخذ الثأر ممن قتله، فـ علي يقول لهم: بايعوني حتى تتم وتجتمع الكلمة ثم بعد ذلك نقاتلهم، ومعاوية يقول: لا نبايعك حتى تسلم إلينا قتلة عثمان وبكل حال حصل ما حصل من الفتن، ثم لم تزل الخلافات في جيش علي إلى أن قتله الخوارج في سنة (40هـ) .
وبعد أن قتل تولى ولده الحسن نصف سنة، ثم تنازل عن الخلافة لـ معاوية في سنة إحدى وأربعين من الهجرة، واجتمعت الخلافة لـ معاوية، وسمي ذلك العام عام الجماعة، واستمرت الخلافة في بني أمية في معاوية وابنه، ثم في بني مروان إلى أن انتهت دولتهم في سنة اثنين وثلاثين وما تولى الخلافة بنو العباس، وكل ذلك مذكور في السير وفي كتب التاريخ.
قال المؤلف رحمه الله: [نعتقد خلافة الخلفاء الراشدين وأن خلافتهم حق، دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) ] .
هذا هو الحديث المشهور عن العرباض في السنن، وكذلك قوله في حديث رواه سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكاً) ، وهذه الخلافة التي أخبر بأنها ثلاثون هي مدة خلافة الخلفاء الراشدين الذين آخرهم الحسن بن علي رضي الله عنه، ثم بعد ذلك صارت ملكاً، ومعاوية أول الملوك وهو أحسن وأفضل الملوك الذين هم ملوك الإسلام، وله سيرة حسنة، فيقول الكلوذاني في آخر عقيدته: ولابن هند في القلوب مودة ومحبة فليرغمن المعتدي ذاك الأمين المجتبى لكتابة الـ وحي المنزل ذو التقى والسؤدد