أهل التوحيد الذين يستقبلون القبلة ويتوجهون إليها ويعترفون بقبلة المسلمين وكل من كان من الأمة المحمدية الذين استجابوا لله تعالى لرسوله يسمون أهل القبلة، أي: أنهم في صلاتهم وذبائحهم يستقبلون القبلة، وأنهم يحنون إلى القبلة ويذهبون إليها حجاجاً وعماراً، فلذلك يسمون أهل القبلة، فهم يؤمنون بالله تعالى إلهاً ورباً وخالقاً، ويعبدونه ولا يعبدون غيره، ولا يصرفون شيئاً من عبادته ولا من حقه لمخلوق سواه، فهم أهل التوحيد، يقولون: (لا إله إلا الله) ويعملون بها.
فلا يدخل في ذلك الذين يعبدون القبور -ويسمون القبوريين- فإنهم ليسوا من أهل التوحيد؛ لأنهم شابهوا قوم نوح الذين عبدوا وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً، وشابهوا قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون التماثيل ويعكفون لها، وكذلك الذين يعبدون الأشجار والأحجار، يتبركون بهذه الشجرة ويعتقدون فيها، أو يتبركون بهذا الغار أو بهذه الصخرة أو القبة أو العين أو ما أشبه ذلك ويعتقدون أنها تنفع وتشفع وتدفع وتفيدهم، فلأجل ذلك يتمسحون بها ويعكفون عندها ويأخذون تربتها، وربما أيضاً دعوها كدعاء المشركون العزى: يا عزى.
يا عزى.
فمثل هؤلاء ليسوا من أهل القبلة ولو صلوا وصاموا، وليسوا من أهل التوحيد؛ فلا يدخلون في هذا الباب، إنما الكلام في المسلمين من أهل التوحيد، ومن أهل القبلة وارتكبوا الكبائر.