كتب لمحمد بن مقاتل العكي، ثم لإبراهيم بن الأغلب، في إمارتهما على إفريقية من قبل هرون الرشيد، باستمراره على ولايته بعد عزله بابن الأغلب، وخاف بسبب ذلك من إبراهيم، عند افتضاح الأمر واتضاح ما تمالأ عليه من النكر، فاستخفى إلى أن كتب إليه مستعطفا: أما بعد أعز الله الأمير فلو كان أحد يبلغ بحرصه رضا بشر، بصحه مودة وتفقد حق، وإيثار نصيحة لرجوت أن أكون، بما جبلني الله عليه، من تفقد ما يلزمني من ذلك، أكرم الناس عند الأمير منزلةً، وألطفهم لديه حالاً، وأبسطهم أملاً، ولكن الأمور تجري على خلاف ما يروي العباد في أنفسهم، وإن من ساعده الدهر حظي في أموره كلها، واستحسن القبيح منه، وأُظهرت محاسنه، وسترت مساوئه، ومن خالفه القضاء، وأعان عليه الدهر، لم ينتفع بحرص، ولم يسلم من بغي، وقد كنت إذا افتخر الناس بساداتهم للأمير أطال الله بقاءه ذاكراً، وبيومه مسروراً، ولغده راجياً، إلى أن أتانا الله من ذلك بما كنت أبسط له أملي، وأُعظم فيه رجائي، وكان