لا أهيم برضاها وهو من الشقوة أمان! وأشيم بارق شيمها وهو للثروة ضمان! وإذا حكي أن النعمان بن المنذر لقي في يوم بؤسه شاباً من العرب رق لكلفه، وقد سأله لقاء ابنة عمه قبل تلفه، فقال: ومن يضمنك؟ قال: كاتبك هذا، ولم تكن بينهما معرفة؛ فقال النعمان: أتفعل على شريطة القتل إن أخلفك؟ قال نعم! فذهب الشاب وأتى في آخر النهار وقال للكاتب قم أُبرئك مما ضمنته، ودخلت معي تحته، وأتيا إلى النعمان، فعجب منهما وقال للشاب: ما الذي حملك على الانصراف إليه بعد ما أفلت منه؟ قال: خشيت أن يقال ذهب الوفاء! ثم قال للكاتب: وأنت ما حملك على ضمانه على أن أقتلك عنه؟ قال: خشيت أن يقال ذهب الكرم! فقال النعمان: وأنا قد عفوت عنه خشية أن يقال ذهب العفو! وأسقط يوم البؤس فلم يكن له يوم بؤس بعدها ... فمالي لا أرجو إعادة النعيم بعادة الإنعام، وإسقاط الجفوة باقساط الاحترام، لا سيما وعذري إلى مولانا أيده الله عذر الذي استقال وقد مثل بين يدي مثله، وهيهات لا يوجد مثل له، فقال: إن كانت زلتي قد أحاطت بحرمتي فإن عفوك محيط بها، وكرمك موقوف عليها، وأنشد:
إني إليك سلمت كانت رحلتي ... أرجو الإله وصفحك المبذولا