اعتاب الكتاب (صفحة 204)

راياتهم تركض في آثارهم، حتى أسلموا ما كانوا عنه يدافعون قهراً، وأسالت جداول المناصل من دمائهم نهراً.

ومنها: ولم ينج عدو الله إلا بذمائه، وغادر في المعترك وجوه أهله وقرابته وأصحابه وأحبائه، فما رأى يوماً قط أشد منه عليه، ولا انتهى به الأمر مذ كان إلى ما انتهى به الآن إليه، والموحدون على أولهم في طلابه، والولوج عليه حيث يمم من أبوابه!.

وبلغ ابن نخيل ما ليس عليه مزيد من الارتفاع المشيد، وغلب على مشرفه بالاصطناع غلبة جعفر على الرشيد، فنهى وأمر آمناً من التعقب، وأورد وأصدر نائماً عن الترقب، وقد فوض إليه في كافة الأمور، وقصرت عليه قصص الخاصة والجمهور، إلى أن كنف بالسعايات الممضة، وقذف باحتجان ما يخرج عن الحسبان من الذهب والفضة، فما أثرت في التقاص ثروته، ولا اعترت على انتقاص حظوته، بل صم عنها المجد الصميم سمعاً، وعم المنتسبين إليه والمتجنين عليه قبضاً وقمعاً، صوناً للنعمة المهنأة من تكديرها، وصرفاً للظنون السيئة عن تقديرها، حتى أقصر من بغى عليه كما انبغى، واستبصر في مظاهرته لما ظهرت له استحالة ما ابتغى، وكم أسمع بلسان الحلم والاحتمال مناصبيه ولا سنيه من كهل يفيض في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015