الغمام في حجاب، فلما تعالت في فلكها، وانقادت في زمام الاستسلام إلى ملكها، ورمقت من خلال غيمها ظهرت كتائب الباطل سوداً كقلوب أهلها، وقد مالت الأرض طولاً وعرضاً بخيلها ورجلها، فحمل الموحدون عليهم حملةً أزالتهم عن مصافهم فولى شقيهم منهزماً لأول دفعة، ولم يطق وقوفاً عندما رأى من بوارق الخوافق لمعة!.
ومنها: واستحر القتل في كثير من زعمائهم ورؤسائهم، ومات كل مذكور من شجعانهم وحمسائهم، واستحوذت القبائل على أموالهم وولدانهم ونسائهم، ونجا الشقي في نفر قليل إلى جهة الإبل، فاتخذها حصناً، وجعلها لبناء فراره من زلازل الجحافل ركناً، وحف من حف من الموحدين والعرب به فلم يبرحوا يتنسفون ما اعتصم به من النعم نسفاً، ويسومونه في نفسه وأصحابه خسفاً، ولم يصرفهم عنه إلا إقبال الليل، وما انسحب له على الآفاق من ذيل!.
ومنها: وكانوا قد قدموا الهوادج أمام الآبال، ودبروا أن تكون لهم حمى يرشقون من يريدها من خللها كالنبال، وقد قيل النساء أغلال الرجال، والحريم مظنة الآجال، فكروا عندها مستميتين، ودافعوا عنها للنفوس الدنية منها مفيتين، ولم يزالوا في أثناء انهزامهم يعطفون عند خدورهم، وأنامل العوامل تجذب أرواحهم من صدورهم، وبساط ما قدموه من أموال وعيال يطوى بقبضهم، وجانب الحق يعلو كلما جد الجد في خفضهم، وقبائل الموحدين على