اعتاب الكتاب (صفحة 197)

الأمر هو أمر الله الذي لا يزال نافذ الأقدار في الإيراد والإصدار مطيعه، وأن عدوه وإن تراخى به الأمد فلا بد أن ينزل موعده الصادق منيعه، ويحط رفيعه، والحمد لله على ذلك حمداً يستمد وحي النصر المؤزر والفتح المدخر وسريعه.

ومنها في ذكر الشقي الميورقي: فحشد من قبائل دباب وزغب ونفات، ومن انقاد إليهم من برابر تلك الجهات، من قادهم إليه الحين بزمام الخدع والترهات، وأقبل بمن التف عليه من أولئكم الطغام، وبقايا الاجتياح والاصطلام، يتقرى المنازر والمناهل، ويوهم بكثرة من جمعه من هذه القبائل، وخرج الموحدون إليهم مستعينين بالله وبما عوده من النصر عليهم، فلما حققوا عزمهم وصححوا في التصميم نحوهم علمهم، ورأوا أنهم فوقوا لثغرهم المثغورة أسهمهم، طار بهم الفرار، ونبا بهم القرار، وولوا سراعاً لا يستبد بسيرهم دون الليل النهار، والموحدون أعزهم الله ينتظرون الوقت الذي لا يبعد مداه في هلاكهم، ولا يفلتون منه بعد إدراكهم، فلما تراءى الجمعان، وضاق متسع المجال عن الدماء والطعان، وشيمت السيوف كالبوارق الخواطف في اللمعان، وحملت الكتائب على الكتائب كالرعان على الرعان، جرى الموحدون أعزهم الله على عادة صبرهم، فعرفهم الله ما أحبوه من عوائده الكريمة مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015