العثرات بإقالتك لها، وما علمت أني وقفت على نعمة أتدبرها إلا وجدتها تشتمل على عائدة فضل، معها فائدة عقل فيها؛ إنى وجدتني قد وصلت إلى تفضلك من غير مسألة، ودخلت إلى إحسانك من بابه، ووصلت إلى تقلد عملك بمن أشركته في الشكر معك، إن لم أكن جعلته دونك، فنقلتني بما استكرهتك عليه، إلى ما تطوعت لي به، ومما كان لي فيه سبب إليك، إلى ما لا سبب لي فيه غيرك، ومما يطالبني بالشكر عليه سواك، إلى ما تنفرد معه بشكري إياك، ثم جعلت ما نقلتني إليه أجل قدراً، وأخص من خدمتك محلاً مما نقلتني عنه، كنت في ذلك كما قال الشاعر:
لا أظأر النفس إكراهاً إلى أحدٍ ... وشرٌّ ودّك ما يأتي وقد نهكا
من مّجه فوك لم تنفعه آصرةٌ ... والنفس مجّاجةٌ ما مجّه فمكا
ولم أر تأديباً ألطف ولا فعلاً أشرف، ولا تقويماً أنفع، ولا استصلاحاً أنجع، ولا كرماً أبرع مما توصلت إليه في، وتغلغلت في الإنعام به علي، وإني لأرجو بمن الله وستره ألا تقف مني علي أُخت لهذه الفعلة، ولا نظير لهذه الزلة ما اختلف الجديدان، وتجاور الفرقدان.