مَسْجِدِي» ، بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْإِضَافَةُ تُفِيدُ التَّخْصِيصَ أَوِ التَّعْرِيفَ.

وَفِيهِ مَعْنَى الْعُمُومِ وَالشُّمُولِ، وَالْآنَ مَعَ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَعَلَى مَرِّ الْأَيَّامِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَيْهِ كَانَ تَصْرِيحُ عُمَرَ: إِنَّهُ لَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ: الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِمَا فِيهَا الزِّيَادَةُ، وَنُقِلَ عَنِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ.

الْأَوَّلُ: قَبْلَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ. وَهَذَا الرُّجُوعُ مَوْجُودٌ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَعَلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ خِلَافٌ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: وَقَفْتُ عَلَى كَلَامٍ لِمَالِكٍ، سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَرَاهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَشَارَ بِقَوْلِهِ: «فِي مَسْجِدِي هَذَا» إِلَّا لِمَا سَيَكُونُ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَدْ قَدَّمْتُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا زَادَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ سَمِعَ مِنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَغْبَتَهُ فِي الزِّيَادَةِ، فَيَكُونُ تَأْيِيدًا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَرُوِيَ أَيْضًا: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمًا وَهُوَ فِي مُصَلَّاهُ فِي الْمَسْجِدِ: «لَوْ زِدْنَا فِي مَسْجِدِنَا» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَزِيدَ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِنَا» ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ فِي حُسْبَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَمَعَ الرَّغْبَةِ فِي الزِّيَادَةِ لَمْ تَأْتِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُنْتَظَرَةِ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّهَا قَبْلَ وُجُودِهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ ; لِأَنَّنَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رَتَّبَ أَحْكَامًا عَلَى أُمُورٍ لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ: كَمَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ الْمِصْرِيِّ وَالشَّامِيِّ وَالْعِرَاقِيِّ، وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَتُفْتَحُ الْيَمَنُ، وَسَتُفْتَحُ الشَّامُ، وَسَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ» ، وَمَعَ كُلٍّ مِنْهَا يَقُولُ: «سَيُؤْتَى بِأَقْوَامٍ يَبُسُّونَ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالسَّعَةِ فَيَحْمِلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» .

وَقَالَ الْبَعْضُ: إِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي مَسْجِدِي هَذَا» لِدَفْعِ تَوَهُّمِ دُخُولِ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ هَذَا الْمَسْجِدِ، لَا لِإِخْرَاجِ مَا سَيُزَادُ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ. قَالَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015