وَلَكِنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ مَعَ ذَلِكَ أَفْضَلُ فِي بَيْتِهَا مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَهَذَا هُوَ الْمَبْحَثُ الثَّانِي، أَيْ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ: صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَمْ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ؟ .

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ بَحَثَهَا فَضِيلَةُ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ [24 \ 37] .

وَأَنَّ مَفْهُومَ «رِجَالٌ» مَفْهُومُ صِفَةٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا مَفْهُومَ لَقَبٍ ; وَعَلَيْهِ فَالنِّسَاءُ يُسَبِّحْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ، وَقَدْ سَاقَ الْبَحْثَ وَافِيًا فِي عُمُومِ الْمَسَاجِدِ وَخُصُوصِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، مِمَّا يَكْفِي تَوَسُّعًا.

الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ.

وَهُوَ: هَلِ الْمُضَاعَفَةُ خَاصَّةٌ بِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي بَنَاهُ، وَالَّذِي كَانَ مَوْجُودًا أَثْنَاءَ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَنَّهَا تُوجَدُ فِيهِ وَفِيمَا دَخَلَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ مِنْ بَعْدِهِ.

أَمَّا مَثَارُ الْبَحْثِ هُوَ مَا جَاءَ فِي نَصِّ الْحَدِيثِ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اسْمُ الْإِشَارَةِ مَوْضُوعٌ لِلتَّعْيِينِ، وَقَالَ عُلَمَاءُ الْوَضْعِ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِوَضْعٍ عَامٍّ لِمَوْضُوعٍ لَهُ خَاصٍّ، فَيَخْتَصُّ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ بِمُفْرَدٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ، وَهُوَ عَيْنُ مَا كَانَ مَوْجُودًا زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِشَارَةَ لَمْ تَتَنَاوَلِ الزِّيَادَةَ الَّتِي وُجِدَتْ بَعْدَ تِلْكَ الْإِشَارَةِ، فَمِنْ هُنَا جَاءَ الْخِلَافُ وَالتَّسَاؤُلُ.

وَقَدْ نَشَأَ هَذَا التَّسَاؤُلُ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِنْدَ أَوَّلِ زِيَادَةٍ زَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، فَرَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ يَتَجَنَّبُونَ الصَّلَاةَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَيَرْغَبُونَ فِي الْقَدِيمِ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُمْ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ تَوْسِعَةَ الْمَسْجِدِ لَمَا وَسَّعْتُهُ، وَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوِ امْتَدَّ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، أَوْ وَلَوِ امْتَدَّ إِلَى صَنْعَاءَ، فَهَذَا مَثَارُ الْبَحْثِ وَسَبَبُهُ.

وَلَكِنْ لَوْ قِيلَ: إِنَّهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مَبْحَثٌ لُغَوِيٌّ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015