السَّمْهُودِيُّ. اهـ.
وَلَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ عِدَّةُ مَسَاجِدَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَسْجِدُ وَالْمُصَلَّى، وَبَقِيَّةُ الْمَسَاجِدِ أُطْلِقَتْ عَلَيْهَا اصْطِلَاحًا.
وَلِابْنِ تَيْمِيَةَ كَلَامٌ مُوجَزٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ فِي عَهْدَيْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
وَقَعَتْ زِيَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ قَامَ فِي الْقِبْلَةِ الْوَاقِعَةِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ لَيْسَتْ لَهَا فَضِيلَةُ الْمَسْجِدِ، إِذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صَلَاةُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالنَّاسِ.
وَصَلَاةُ النَّاسِ مَعَهُمْ فِي الصُّفُوفِ الْأُولَى فِي الْمَكَانِ الْمَفْضُولِ مَعَ تَرْكِ الْأَفْضَلِ. اهـ.
وَمِنْ كُلِّ مَا قَدَّمْنَا يَتَّضِحُ أَنَّ: حُكْمَ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَحُكْمِ الْأَصْلِ فِي مُضَاعَفَةِ الْأَجْرِ إِلَى الْأَلْفِ.
وَقَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ مِنَ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي مَبْحَثِ الْأَرْبَعِينَ صَلَاةً، وَصَلَاةُ النَّاسِ فِي الصَّفِّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.
تَنْبِيهٌ.
هَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا فِي الْكَيْفِ لَا فِي الْكَمِّ، فَلَوْ أَنَّ عَلَى إِنْسَانٍ فَوَائِتَ يَوْمٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَصَلَّى صَلَاةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ، لَنْ تُسْقِطَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْفَوَائِتِ، فَهِيَ فِي نَظَرِي بِمَثَابَةِ ثَوْبٍ وَثَوْبٍ آخَرَ أَحَدُهُمَا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَالْآخَرُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبٌ فِي مُهِمَّتِهِ، وَلَنْ يَلْبَسَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ فِي وَقْتٍ مَهْمَا كَانَ ثَمَنُهُ.
وَكَذَلِكَ كَالْقَلَمِ وَالْقَلَمِ، فَمَهْمَا غَلَا ثَمَنُ الْقَلَمِ، فَلَنْ يَكْتُبَ بِهِ شَخْصَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ.
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ الْأَسَاسِيِّ خَصَائِصَ لَمْ تُوجَدْ فِي بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ: كَالرَّوْضَةِ مِنَ الْجَنَّةِ. وَالْمِنْبَرِ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ، بَعْضِ السَّوَارِي ذَاتِ التَّارِيخِ.