فَلَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِيِّ ... لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفِرُّ
يَعْنِي: وَأَبِيكِ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ لِزِيَادَةِ لَا فِي الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى الْجَحْدِ، قَوْلَ الشَّاعِرِ:
مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ دِينَهُمُ ... وَالْأَطْيَبَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ
يَعْنِي: عُمَرُ وَ (لَا) صِلَةٌ، وَأَنْشَدَ الْجَوْهَرِيُّ لِزِيَادَتِهَا قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
فِي بِئْرٍ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ ... بِإِفْكِهِ حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ
وَالْحُورُ: الْهَلَكَةُ، يَعْنِي: فِي بِئْرٍ هَلِكَةٍ وَ (لَا) صِلَةٌ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ. وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ لِزِيَادَتِهَا قَوْلَ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ:
أَفَعَنْكَ لَا بَرْقٌ كَانَ وَمِيضُهُ ... غَابَ تَسَنُّمُهُ ضِرَامَ مُثَقَّبِ
وَيُرْوَى: أَفَمِنْكَ وَتَشَيُّمُهُ، بَدَلَ أَفَعَنْكَ وَتَسَنُّمُهُ، يَعْنِي: أَفَعَنْكَ بَرْقٌ، وَ (لَا) صِلَةٌ، وَمِنْ شَوَاهِدِ زِيَادَتِهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ ... وَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ
يَعْنِي: كَادَ يَتَقَطَّعُ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ أَبِي عُبَيْدَةَ لِزِيَادَتِهَا بِقَوْلِ الشَّمَّاخِ:
أَعَائِشُ مَا لِقَوْمِكِ لَا أَرَاهُمْ ... يُضِيعُونَ الْهِجَانَ مَعَ الْمُضِيعِ
فَغَلَطٌ مِنْهُ، لِأَنَّ لَا فِي بَيْتِ الشَّمَّاخِ هَذَا نَافِيَةٌ لَا زَائِدَةٌ، وَمَقْصُودُهُ أَنَّهَا تَنْهَاهُ عَنْ حِفْظِ مَالِهِ، مَعَ أَنَّ أَهْلَهَا يَحْفَظُونَ مَالَهُمْ، أَيْ: لَا أَرَى قَوْمَكِ يُضِيعُونَ مَالَهُمْ وَأَنْتِ تُعَاتِبِينَنِي فِي حِفْظِ مَالِي، وَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ مِنْ أَنَّ لَفْظَةَ لَا، لَا تَكُونُ صِلَةً إِلَّا فِي الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى الْجَحْدِ، فَهُوَ أَغْلَبِيٌّ لَا يَصِحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بِدَلِيلِ بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي لَا جَحْدَ فِيهَا كَهَذِهِ الْآيَةِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَا فِيهَا صِلَةٌ، وَكَبَيْتِ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ زِيَادَةِ لَا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كِتَابِنَا «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» .
وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ مِنَ السَّبْعَةِ: أَلَّا يَسْجُدُوا بِتَخْفِيفِ اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ: (أَلَّا) ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ هَذِهِ، فَلَفْظَةُ (أَلَّا) حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ، وَتَنْبِيهٍ وَيَا