حَرْفُ نِدَاءٍ، وَالْمُنَادَى مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: أَلَا يَا هَؤُلَاءِ اسْجُدُوا، وَاسْجُدُوا فِعْلُ أَمْرٍ وَمَعْلُومٌ فِي عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ، أَنَّكَ إِذَا قِيلَ لَكَ: قِفْ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ بِانْفِرَادِهَا فِي قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ، أَنَّكَ تَقِفُ فِي قَوْلِهِ: أَلَّا يَسْجُدُوا، ثَلَاثَ وَقَفَاتٍ، الْأُولَى: أَنْ تَقِفَ عَلَى أَلَا. وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تَقِفَ عَلَى يَا. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ تَقِفَ عَلَى اسْجُدُوا، وَهَذَا الْوَقْفُ وَقْفُ اخْتِبَارٍ لَا وَقْفُ اخْتِيَارٍ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، فَإِنَّكَ تَقِفُ وَقْفَتَيْنِ فَقَطْ: الْأُولَى: عَلَى (أَلَّا) ، وَلَا تَقِفُ عَلَى أَنْ لِأَنَّهَا مُدْغَمَةٌ فِي لَا، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّكَ تَقِفُ عَلَى يَسْجُدُوا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ قَدْ حُذِفَ فِي الْخَطِّ أَلِفَانِ، الْأُولَى: الْأَلِفُ الْمُتَّصِلَةُ بِيَاءِ النِّدَاءِ، وَالثَّانِيَةُ: أَلِفُ الْوَصْلِ فِي قَوْلِهِ: (اسْجُدُوا) ، وَوَجَّهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِسْقَاطَهُمَا فِي الْخَطِّ، بِأَنَّهُمَا لَمَّا سَقَطَتَا فِي اللَّفْظِ، سَقَطَتَا فِي الْكِتَابَةِ، قَالُوا: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ مِنْ أَنَّ لَفْظَةَ (أَلَا) لِلِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّنْبِيهِ، وَأَنَّ يَا حَرْفُ نِدَاءٍ حُذِفَ مِنْهُ الْأَلِفُ فِي الْخَطِّ، وَاسْجُدُوا فِعْلُ أَمْرٍ، قَالُوا: وَحَذْفُ الْمُنَادَى مَعَ ذِكْرِ أَدَاةِ النِّدَاءِ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:

أَلَا يَا اسْلَمِي يَا هِنْدُ هِنْدَ بَنِي بَكْرِ ... وَإِنْ كَانَ حَيَّانَا عِدَى آخِرَ الدَّهْرِ

وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

أَلَا يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبِلَا ... وَلَا زَالَ مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ

فَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتَيْنِ: أَلَا يَا اسْلَمِي، أَيْ: يَا هَذِهِ اسْلَمِي، وَقَوْلُ الْآخَرِ:

لَا يَا اسْلَمِي ذَاتَ الدَّمَالِيجِ وَالْعِقْدِ

وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ:

أَلَا يَا اصْبَحَانِي قَبْلَ غَارَةِ سِنْجَالِي ... وَقَبْلَ مَنَايَا قَدْ حَضَرْنَ وَآجَالِي

يَعْنِي: أَلَا يَا صَحْبِي اصْبَحَانِي، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

أَلَا يَا اسْقِيَانِي قَبْلَ خَيْلِ ... أَبِي بَكْرِ

وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015