أَصَحِّ الْأَوْجُهِ إِلَى آخِرِ الْأَوْجُهِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي «شَرْحِ مُسْلِمٍ» . وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا عَنْهُ آنِفًا. وَقَالَ أَيْضًا: وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ، وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ. وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ الَّذِي اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ، وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ.
قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا آخَرَ لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ نِهَايَةِ سِنِّ الثَّنِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ بَيَانٌ لِابْتِدَاءِ سَنَةٍ، وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنَ الْبَقَرِ فَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ، وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ.
وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ مَا اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالثَّنِيُّ مِنَ الْمَعْزِ فِيهِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ. وَالثَّانِي: مَا اسْتَكْمَلَ سَنَةً انْتَهَى مِنْهُ.
وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الثَّنِيَّ هُوَ الْمُسِنُّ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ» فِي الْجَذَعِ: هُوَ مِنَ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْمَعْزِ: مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: الْبَقَرُ فِي الثَّالِثَةِ، وَمِنَ الضَّأْنِ: مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ، وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَالِفُ بَعْضَ هَذَا فِي التَّقْدِيرِ انْتَهَى مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ» أَيْضًا: الثَّنِيَّةُ مِنَ الْغَنَمِ مَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ كَذَلِكَ، وَمِنَ الْإِبِلِ: فِي السَّادِسَةِ وَالذَّكَرُ ثَنِيٌّ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا دَخَلَ مِنَ الْمَعْزِ فِي الثَّانِيَةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ فِي الثَّالِثَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «النِّهَايَةِ» ، فِي الْمُسِنَّةِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْمُسِنِّ، إِذَا أَثْنَيَا، وَيُثْنِيَانِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صَحَّاحِهِ: الْجَذَعُ قَبْلَ الثَّنِيِّ وَالْجَمْعُ جِذْعَانٌ وَجِذَاعٌ، وَالْأُنْثَى: جَذَعَةٌ، وَالْجَمْعُ: جَذَعَاتٌ، تَقُولُ مِنْهُ لِوَلَدِ الشَّاةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَلِوَلَدِ الْبَقَرِ وَالْحَافِرِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَلِلْإِبِلِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ: أَجْذَعَ، وَالْجَذَعُ اسْمٌ لَهُ فِي زَمَنٍ لَيْسَ بِسِنٍّ تَنْبُتُ وَلَا تَسْقُطُ، وَقَدْ قِيلَ: فِي وَلَدِ النَّعْجَةِ: إِنَّهُ جَذَعٌ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى مِنْهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَالثَّنِيَّةُ: النَّاقَةُ الطَّاعِنَةُ فِي السَّادِسَةِ، وَالْبَعِيرُ: ثَنِيٌّ، وَالْفَرَسُ: الدَّاخِلَةُ فِي الرَّابِعَةِ، وَالشَّاةُ: فِي الثَّالِثَةِ كَالْبَقَرَةِ. انْتَهَى مِنْهُ.
وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ الثَّابِتَ فِيهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِمُسِنَّةٍ، وَأَنَّهَا إِنْ تَعَسَّرَتْ فَجَذَعَةٌ مِنَ الضَّأْنِ، فَمَنْ ضَحَّى بِمُسِنَّةٍ، أَوْ بِجَذَعَةٍ مِنَ الضَّأْنِ عِنْدَ تَعَسُّرِهَا فَضَحِيَّتُهُ مُجْزِئَةٌ إِجْمَاعًا.