هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ". قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَرَجَّحَ الْأَئِمَّةُ غَيْرُهُ وَقْفَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي ": وَأَقْرَبُ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ لِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ، حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفْعُهُ: " مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا "، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي الْإِيجَابِ انْتَهَى مِنْهُ.

وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ أَوْجَبَهَا: مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا أُنْفِقَتِ الْوَرِقُ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ نَحِيرَةِ يَوْمِ عِيدٍ "، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ وَلَيْسَا بِقَوِيَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَنْ عَائِذِ اللَّهِ الْمُجَاشِعِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ نُفَيْعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: " سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ " (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ) ، قَالُوا: مَا لَنَا فِيهَا مِنَ الْأَجْرِ؟ قَالَ: " بَلْ كُلُّ قَطْرَةٍ حَسَنَةٌ "، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: عَائِذُ اللَّهِ الْمُجَاشِعِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ، وَأَبُو دَاوُدَ هَذَا ضَعِيفٌ، ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " نَسَخَ الْأَضْحَى كُلَّ ذَبْحٍ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ، وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ كُلَّ غُسْلٍ، وَالزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ "، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: " نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ "، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَضَعَّفَاهُ قَالَا: وَهُوَ مُرْسَلٌ اهـ كَلَامُ النَّوَوِيِّ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَضْعِيفِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ: هُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فِي التَّرْغِيبِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ عُمْدَةُ مَنْ قَالَ: بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاسْتِدْلَالُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا بِالْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِمْ: يَوْمَ الْأَضْحَى قَائِلًا: إِنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ لَا تُحَقَّقُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ بِلَا شَكٍّ، وَلَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِيهِ بِيَقِينٍ، إِلَّا إِذَا كَانَتْ وَاجِبَةً لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقَعُ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، فَلَا تَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى التَّحْقِيقِ، كَمَا لَا يَخْفَى.

وَأَقْوَى أَدِلَّةِ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدَبِ بْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015