لَيْلَى، وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَأَحْمَدُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ يَبْتَدِئُ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ لِلضَّعَفَةِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهُوَ اخْتَيَارُ ابْنِ الْقَيِّمِ، وَإِذَا عَلِمْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَهَذِهِ تَفَاصِيلُ أَدِلَّتِهِمْ.

أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَجُوزُ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ -، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ، فَأَفَاضَتْ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي عِنْدَهَا انْتَهَى مِنْهُ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي إِرْسَالِ أُمِّ سَلَمَةَ فَصَحِيحٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ، بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي دَاوُدَ: هَذَا عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ لَمْ أَرَهُ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِيهَا بِدُونِ التَّصْحِيحِ الْمَذْكُورِ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَوْنِ إِسْنَادِ أَبِي دَاوُدَ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا، عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ صَحِيحٌ ; لِأَنَّ طَبَقَتَهُ الْأُولَى هَارُونُ الْحَمَّالُ وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَطَبَقَتَهُ الثَّانِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ. أَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَطَبَقَتَهُ الثَّالِثَةَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ الْكَبِيرُ، وَهُوَ صَدُوقٌ يَهِمُ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَبَاقِي الْإِسْنَادِ هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ وَصِحَّتُهُ ظَاهِرَةٌ، فَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ جَمِيعَ رِجَالِهِ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَبَعْضَ رِجَالِهِ أَخْرَجَ لَهُ الْجَمِيعُ فَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ ضَعَّفَهُ قَائِلًا: إِنَّهُ مُضْطَرِبٌ مَتْنًا وَسَنَدًا، وَمِمَّنْ ذُكِرَ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُدَ الْمَذْكُورَةَ ظَاهِرُهَا الصِّحَّةُ.

وَتَعْتَضِدُ بِمَا رَوَاهُ الْخَلَّالُ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَدَّمَنِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015