حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا، وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهْ: مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ جَمْعٍ، وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبِطَةً، فَأَذِنَ لَهَا.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ. ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ. انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَسْمَاءَ، وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ رَوَاهَا كُلَّهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا، مَعَ بَعْضِ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ وَالْمَعْنَى.

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، وَفِي لَفْظٍ لَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى، وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ اهـ وَهَذِهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ، وَالنِّسَاءِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ لَيْلًا كَمَا تَرَى.

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنَ الضَّعَفَةِ وَغَيْرِهِمْ، مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ هُوَ ابْتِدَاءُ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015