تَنْبِيهٌ

اعْلَمْ أَنَّ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عَنِ الْمَعْضُوبِ وَالْمَيِّتِ مَحَلُّهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُمَا قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، خِلَافًا لِمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الْحَجِّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِحَدِيثٍ جَاءَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ - الْمَعْنَى وَاحِدٌ - قَالَ إِسْحَاقُ: ثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ «مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: أَخٌ لِي - أَوْ: قَرِيبٌ لِي - قَالَ: حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: قَرِيبٌ لِي. قَالَ: هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ، وَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، مَعْرُوفُونَ، إِلَّا عَزْرَةَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ قَتَادَةُ، وقَتَادَةُ رَوَى عَنْ ثَلَاثَةٍ كُلُّهُمُ اسْمُهُ: عَزْرَةَ، وَعَزْرَةُ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ ذَكَرَاهُ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، وَجَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ عَزْرَةُ بْنُ يَحْيَى، وَعَزْرَةُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، وَلَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَلَمْ يَخُصُّهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ بِتَرْجَمَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ، وَقَالَ فِيهِ: مَقْبُولٌ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَهَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، وَقَالَ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ سَمَاعًا، عَنْ سَعِيدٍ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّيْخُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ سَعِيدٍ، ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ، وَأَوْرَدَ مَتْنَ الْحَدِيثِ كَمَا سَبَقَ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا حَافِظٌ ثِقَةٌ، فَلَا يَضُرُّهُ خِلَافُ مَنْ خَالَفَهُ، وعَزْرَةُ هَذَا هُوَ عَزْرَةُ بْنُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015